فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن كثير:

وقوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} أي: بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر، يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك، وأن ذلك نافعهم عنده، وأنه يروج عليه كما يروج على بعض المؤمنين، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [المجادلة: 18]؛ ولهذا قابلهم على اعتقادهم ذلك بقوله: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} يقول: وما يَغُرُّون بصنيعهم هذا ولا يخدعون إلا أنفسهم، وما يشعرون بذلك من أنفسهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142].
ومن القراء من قرأ: {وَمَا يُخَادِعُونَ إِلا أَنفُسَهُمْ} وكلا القراءتين ترجع إلى معنى واحد.
قال ابن جرير: فإن قال قائل: كيف يكون المنافق لله وللمؤمنين مخادعًا، وهو لا يظهر بلسانه خلاف ما هو له معتقد إلا تقية؟
قيل: لا تمتنع العرب أن تسمي من أعطى بلسانه غير الذي في ضميره تقية، لينجو مما هو له خائف، مخادعا، فكذلك المنافق، سمي مخادعا لله وللمؤمنين، بإظهاره ما أظهر بلسانه تقية، مما تخلص به من القتل والسباء والعذاب العاجل، وهو لغير ما أظهر، مستبطن، وذلك من فعلِه- وإن كان خداعًا للمؤمنين في عاجل الدنيا- فهو لنفسه بذلك من فعله خادع، لأنه يُظْهِر لها بفعله ذلك بها أنَّه يعطيها أمنيّتها، ويُسقيها كأس سرورها، وهو موردها حياض عطبها، ومُجرّعها بها كأس عذابها، ومُزيرُها من غضب الله وأليم عقابه ما لا قبَلَ لها به، فذلك خديعته نفسه، ظنًا منه- مع إساءته إليها في أمر معادها- أنه إليها محسن، كما قال تعالى: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} إعلامًا منه عِبَادَه المؤمنين أنّ المنافقين بإساءتهم إلى أنفسهم في إسْخَاطهم عليها ربهم بكفرهم، وشكهم وتكذيبهم، غير شاعرين ولا دارين، ولكنهم على عمياء من أمرهم مقيمون.
وقال ابن أبي حاتم: أنبأنا عليّ بن المبارك، فيما كتب إليّ، حدثنا زيد بن المبارك، حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جُرَيْج، في قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} قال: يظهرون لا إله إلا الله يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم، وفي أنفسهم غير ذلك.
وقال سعيد، عن قتادة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} نعت المنافق عند كثير: خَنعُ الأخلاق يصدّق بلسانه وينكر بقلبه ويخالف بعمله، يصبح على حال ويمسي على غيره، ويمسي على حال ويصبح على غيره، ويتكفأ تكفأ السفينة كلما هبَّت ريح هبّ معها. اهـ.

.قال الفخر:

قرأ نافع وابن كثير وأبو عمر: {وما يخادعون} والباقون {يخدعون}.
وحجة الأولين: مطابقة اللفظ حتى يكون مطابقًا للفظ الأول، وحجة الباقين أن المخادعة إنما تكون بين اثنين، فلا يكون الإنسان الواحد مخادعًا لنفسه، ثم ذكروا في قوله: {وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ} وجهين:
الأول: أنه تعالى يجازيهم على ذلك ويعاقبهم عليه فلا يكونون في الحقيقة خادعين إلا أنفسهم عن الحسن.
والثاني: ما ذكره أكثر المفسرين، وهو أن وبال ذلك راجع إليهم في الدنيا، لأن الله تعالى كان يدفع ضرر خداعهم عن المؤمنين ويصرفه إليهم، وهو كقوله: {إِنَّ المنافقين يخادعون الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] وقوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءونَ الله يَسْتَهْزِئ بِهِمْ} [البقرة: 14، 15] {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السفهاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السفهاء} [البقرة: 13] {وَمَكَرُواْ مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا} [النمل: 50] {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: 15، 16] {إِنَّمَا جَزَاء الذين يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] {إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57]. اهـ.
قال الفخر:
بقي في الآية بعد ذلك أبحاث.
أحدها: قرئ: {وما يخادعون} من أخدع و{يخدعون} بفتح الياء بمعنى يختدعون {ويخدعون} و{يخادعون} على لفظ ما لم يسم فاعله.
وثانيها: النفس ذات الشيء وحقيقته، ولا تختص بالأجسام لقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا في نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ} [المائدة: 116] والمراد بمخادعتهم ذواتهم أن الخداع لا يعدوهم إلى غيرهم.
وثالثها: أن الشعور علم الشيء إذا حصل بالحس، ومشاعر الإنسان حواسه، والمعنى أن لحوق ضرر ذلك بهم كالمحسوس، لكنهم لتماديهم في الغفلة كالذي لا يحس. اهـ.

.قال الألوسي:

وقرأ الحرميان وأبو عمرو: {وَمَا يخادعون} وقرأ باقي السبعة: {وَمَا يَخْدَعُونَ} وقرأ الجارود وأبو طالوت: {وَمَا يَخْدَعُونَ} بضم الياء مبنيًا للمفعول.
وقرأ بعضهم: {وَمَا يخادعون} بفتح الدال مبنيًا للمفعول أيضًا وقرأ قتادة والعجلي: {وَمَا يَخْدَعُونَ} من خدع مضاعفًا مبنيًا للفاعل، وبعضهم بفتح الياء والخاء وتشديد الدال المكسورة وما عدا القراءتين الأوليين شاذة وعليهما نصب أنفسهم على المفعولية الصرفة أو مع الفاعلية معنى، وأما على قراءة بناء الفعل للمفعول فهو إما على إسقاط الجار أي في أنفسهم أو عن أنفسهم أو على التمييز على رأي الكوفيين أو التشبيه بالمفعول على زعم بعضهم أو على أنه مفعول بتضمين الفعل يتنقصون مثلًا، ولا يشكل على قراءة: {يخادعون} أنه كيف يصح حصر الخداع على أنفسهم، وذلك يقتضي نفيه عن الله تعالى والمؤمنين، وقد أثبت أولًا، وإن المخادعة إنما تكون في الظاهر بين اثنين فكيف يخادع أحد نفسه لأنا نقول المراد أن دائرة الخداع راجعة إليهم وضررها عائد عليهم فالخداع هنا هو الخداع الأول والحصر باعتباره أن ضرره عائد إلى أنفسهم فتكون العبادة الدالة عليه مجازًا أو كناية عن انحصار ضررها فيهم أو نجعل لفظ الخداع مجازًا مرسلًا عن ضرره في المرتبة الثانية، وكونه مجازًا باعتبار الأول كما قاله السعد غير ظاهر.
وقد يقال إنهم خدعوا أنفسهم لما غروها بذلك وخدعتهم حيث حدثتهم بالأماني الخالية، فالمراد بالخداع غير الأول.
والمخادع والمخادع متغايران بالاعتبار فالخداع على هذا مجاز عن إيهام الباطل وتصويره بصورة الحق، وحمله على حقيقته بعيد وكون ذلك من التجريد كقوله:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ** فليسعد النطق إن لم يسعد الحال

لا يرتضيه الذوق السليم كالقول بأن الكلام من باب المبالغة في امتناع خداعهم لله تعالى وللمؤمنين لأنه كما لا يخفى خداع المخادع لنفسه فيمتنع خداعه لها يمتنع خداع الله تعالى لعلمه والمؤمنون لاطلاعهم باعلامه تعالى أو الكناية عن أن مخالفتهم ومعاداتهم لله تعالى وأحبابه معاملة مع أنفسهم لأن الله تعالى والمؤمنين ينفعونهم كأنفسهم، وبعضهم يجعل التعبير هنا بالمخادعة للمشاكلة مع كون كل من المشاكل والمشاكل مجازًا وكل يعمل على شاكلته.
والنفس حقيقة الشيء وعينه ولا اختصاص لها بالأجسام لقوله تعالى: {كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة} [الأنعام: 2 1] {وَيُحَذّرُكُمُ الله نَفْسَهُ} [آل عمران: 8 2] وتطلق على الجوهر البخاري اللطيف الحال لقوة الحياة والحس والحركة الإرادية وسماها الحكيم الروح الحيوانية وأول عضو تحله القلب إذ هو أول ما يخلق على المشهور، ومنه تفيض إلى الدماغ والكبد وسائر الأعضاء ولا يلزم من ذلك أن يكون منبت الأعصاب إذ من الجائز أن يكون العضو المستفيد منبتًا لآلة الاستفادة، وقيل: الدماغ لأنه المنبت ولم تقم دلالة قطعية على ذلك كما في شرح القانون للإمام الرازي وكثيرًا ما تطلق على الجوهر المجرد المتعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف وهي الروح الأمرية المرادة في من عرف نفسه فقد عرف ربه، وتسمى النفس الناطقة وبتنوع صفاتها تختلف أسماؤها وأحظى الأعضاء بإشراق أنوارها المعنوية القلب أيضًا ولذلك الشرف قد يسمى نفسًا، وبعضهم يسمي الرأي بها، والظاهر في الآية على ما قيل: المعنى الأول إذ المقصود بيان أن ضرر مخادعتهم راجع إليهم ولا يتخطاهم إلى غيرهم وليس بالمتعين كما لا يخفى، وتطلق على معان أخر ستسمعها مع تحقيق هذا المبحث إن شاء الله تعالى.
وجملة {وَمَا يَشْعُرُونَ} مستأنفة أو معطوفة على {وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ} ومفعول {يَشْعُرُونَ} محذوف أي: وما يشعرون أنهم يخدعونها أو أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون أو إطلاع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على خداعهم وكذبهم كما روي ذلك عن ابن عباس أو هلاك أنفسهم وإيقاعها في الشقاء الأبدي بكفرهم ونفاقهم كما روي عن زيد، أو المراد لا يشعرون بشيء، ويحتمل كما في البحر أن يكون {وَمَا يَشْعُرُونَ} جملة حالية أي: وما يخدعون إلا أنفسهم غير شاعرين بذلك ولو شعروا لما خادعوا، والشعور الإدراك بالحواس الخمس الظاهرة ويكون بمعنى العلم، قال الراغب: شعرت كذا يستعمل بوجهين بأن يؤخذ من مس الشعر ويعبر به عن اللمس؛ ومنه استعمل المشاعر للحواس، فإذا قيل: فلان لا يشعر فذلك أبلغ في الذم من أنه لا يسمع ولا يبصر لأن حس اللمس أعم من حس السمع والبصر، وتارة يقول: شعرت كذا أي أدركت شيئًا دقيقًا من قولهم شعرته أي أصبت شعره نحو أذنته ورأسته وكان ذلك إشارة إلى قولهم فلان يشق الشعر إذا دق النظر؛ ومنه أخذ الشاعر لإدراك دقائق المعاني. انتهى.
والآية تحتمل نفي الشعور بمعنى العلم فمعنى {لاَّ يَشْعُرُونَ} لا يعلمون وكثيرًا ما ورد بهذا المعنى، وفي اللحاق نوع إشارة إليه، ويحتمل نفيه بمعنى الإدراك بالحواس فيجعل متعلق الفعل كالمحسوس الذي لا يخفى إلا على فاقد الحواس، ونفي ذلك نهاية الذم لأن من لا يشعر بالبديهي المحسوس مرتبته أدنى من مرتبة البهائم فهم كالأنعام بل هم أضل.
ولعل هذا أولى لما فيه من التهكم بهم مع الدلالة على نفي العلم بالطريق الأولى، وهو أيضًا أنسب بقوله تعالى: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أبصارهم غشاوة} [البقرة: 7] كما لا يخفى. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وقوله: {وما يشعرون} عطف على جملة {وما يخادعون} والشعور يطلق على العلم بالأشياء الخفية، ومنه سمي الشاعر شاعرًا لعلمه بالمعاني التي لا يهتدي إليها كل أحد وقدرته على الوزن والتقفية بسهولة، ولا يحسن لذلك كل أحد، وقولهم ليت شعري في التحير في علم أمر خفي، ولولا الخفاء لما تمنى علمه بل لعلمه بلا تمن، فقولهم هو لا يشعر وصف بعدم الفطنة لا بعدم الإحساس وهو أبلغ في الذم لأن الذم بالوصف الممكن الحصول أنكى من الذم بما يتحقق عدمه فإن إحساسهم أمر معلوم لهم وللناس فلا يغيضهم أن يوصفوا بعدمه وإنما الذي يغيضهم أن يوصفوا بالبلادة.
على أن خفاء مخادعتهم أنفسهم مما لا يمتري فيه واختير مثله في نظيره في الخفاء وهو {ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} [البقرة: 12] لأن كليهما أثبت فيه ما هو المآل والغاية وهي مما يخفي واختير في قوله: {ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} [البقرة: 13] نفي العلم دون نفي الشعور لأن السفه قد يبدو لصاحبه بأقل التفاتة إلى أحواله وتصرفاته لأن السفه أقرب لادعاء الظهور من مخادعة النفس عند إرادة مخادعة الغير ومن حصول الإفساد عند إرادة الإصلاح وعلى الإطلاق الثاني درج صاحب الكشاف قال: فهم لتمادي غفلتهم كالذي لا حس له. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {يخادعون الله والذين ءآمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} ثم قال بعد: {ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} فنفى عنهم هنا العلم وفى الآيتين قبل الشعور فيسأل عن الفرق الموجب لهذا التخصيص.
والجواب عن ذلك: إن الشعور راجع إلى معنى الإحساس مأخوذ من الشعار وهو ما يلى الجسد ويباشره فيدرك ويحس من غير افتقار إلى فكر أو تدبر، فيشترك في مثل هذا الإدراك العاقل من الحيوان وغير العاقل وأما العلم فلا يكون إلا عن فكر ونظر يحصله، وقد تكون مقدماته حسية أو غير حسية على قول المحققين من أرباب النظر فهو مما يخص العقلاء ولما كان الإيمان وهو التصديق لا يحصل إلا عن نظر وفكر يحصل العلم بالمصدق به، ولا يكون النظر والفكر إلا من عاقل يعرف الصواب من الخطإ وقد نفى المنافقون ذلك عن المؤمنين ونسبوهم إلى السفه وهو خفة الحلم وعدم التثبت في الأمور وذلك في قولهم: {أنؤمن كما آمن السفهاء} فرد الله ذلك عليهم بقوله: {ألا إنهم هم السفهاء} ونفى عنهم العلم فنفى عنهم ما نفوه عن غيرهم ووصفوا بما نسبوه لغيرهم ولما كان الفساد في الأرض وروم مخادعة من لا ينخدع منتحل لا يخفى فساده على أحد ويوصل إلى ذلك بأول إدراك ناسبه أيضًا نفى الشعور ولم يكن ليناسبه نفى العلم فجاء كل على ما يناسب ويلائم.
وتعرض أبو الفضل بن الخطيب لما ورد في هذه الآية فقال: إنما قال في آخر هذه الآية: {لا يعلمون} وفيما قبلها {لا يشعرون} لوجهين: أن الوقوف على أن المؤمنين على الحق وهم على الباطل أمر عقلى نظرى وأما أن النفاق وما فيه من البغى يقضى إلى الفساد في الأرض فضرورى جار مجرى المحسوس.
والثانى أنه لما ذكر السفه وهو جهل كان ذكر العلم أحسن طباقا له والله أعلم انتهى، وما ذكرته أجرى مع لفظ الآي وأبين. اهـ.

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)}.
عاد وبال خداعهم والعقوبة عليه إلى أنفسهم فصاروا في التحقيق كأنهم خادعوا أنفسهم، فما استهانوا إلا بأقدارهم، وما اسْتَخَفُّوا إلا بأنفسهم، وما ذاق وبالَ فعلهم سواهم، وما قطعوا إلا وتينَهم. ومن كان عالمًا بحقائق المعلومات فمن رام خداعه إنما يخدع نفسه.
والإشارة في هذه الآية أن من تناسى لطفه السابق وقال لي وبي ومني وأنا يقع في وهمه وظنه لك وبك ومنك وأنت، وهذا التوهم أصعب العقوبات لأنه يرى سرابًا فيظنه شرابًا حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد الله عنده فوفَّاه حسابه. اهـ.